Thursday, March 5, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها فضيلة الدكتور محمد رأفت عثمان رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة جامعة الأزهر وذلك فيما يلى:

الإنابة فى العمرة للقادر
* هل يجوز لى أن يقوم زوجى وهو ذاهب لأداء فريضة الحج بعمل عمرة لى رغم أنى والحمد لله أتمتع بصحة جيدة تمكننى من أدائها إلا أننى لا أستطيع السفر معه لأداء فريضة الحج لأن ابنتى إحداهما فى الثانوية العامة والثانية فى الإبتدائية؟
** ما دمت بصحة جيدة فإن الواجب عليك يقتضى أن تؤدى العمرة بنفسك فى أى وقت آخر إن لم تكونى قد أديتها من قبل اما إذا كنت قد أديتها فلا حاجة تدعو إلى التطوع بعمل عمرة الآن ما دمت مشغولة برعاية ابنتيك فى دراستهما وامتحانهما ويمكنك بعد أداء امتحانهما أن تقوم بأداء العمرة.
** وسؤال آخر من القارئة الكريمة نفسها تقول فيه هل يجوز قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف والإنسان طاهر من الحدثين وليس متوضئاً؟
** قراءة القرآن الكريم أن تكون مع مس المصحف أو بعدم مسه فإذا كان القارئ محتاجاً إلى مس المصحف وتقليب صفحاته فلابد من الطهارة من الحدث الأكبر والحدث الأصغر ومعنى الحدث الأكبر الجنابة والحيض والنفاس ومعنى الحدث الأصغر هو عدم الوضوء، وأما إذا كانت القراءة تكون بدون لأوراق المصحف فالشرط أن يكون القارئ متطهر من الحدث الأكبر فقط ولا يشترط أن يكون متوضئاً.
خطورة التركات
** أوصت أمى بأن تأخذ إحدى إخواتى البنات مبلغاً أقل من المستحق لها فى ميراثها على أن نحفظ لها باقى المبلغ لأن زوجها لا أمان له ولا عهد ولكن أختنا رفضت ذلك فأعطى لى أخى بعض المبلغ، فهل هذا التصرف مخالف لما أمر الله به؟ وهل تستحق هذه الأخت المساعدة منا مع العلم بأن زوجها قادر على الانفاق عليها ولكنه بخيل وفظ الطباع؟
** أمر الله تعالى بتوزيع التركات وفق نظام خاص حدده القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وشدد القرآن الكريم فى هذه الناحية تشديداً عظيماً فقال فى سياق بيانه لتوزيع المواريث (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين). وهذا يدل على عظيم الذنب فى توزيع التركات بطريقة تخالف القواعد التى وضعها الإسلام. وعلى هذا فلا يجوز تنفيذ وصية الام بحرمان إحدى بناتها من حقها الكامل فى الميراث فلابد أن تعطى كل ما تستحقه وهى حرة التصرف فيه بما لها من عقل وتدبير ولا يصح التعلل بأن زوجها سيئ الطباع حتى تبرأ ذمة الأم وذمتكم جميعاً. وعن استحقاق هذه الأخت للمساعدة فإذا كانت حالتها تستحق العون فمن المستحب مساعدتها ويكون هذا من قبيل صلة الرحم. بل إذا كانت هذه الأخت فقيرة فلإخوتها أن يعطوها من أموال الزكاة التى تجب عليهم ويكون هذا زكاة صحيحة وفى الوقت نفسه من بر ذوى الأرحام.
زيارة القبور
** لنفس السائلة سؤال تقول فيه أوصتنا أمى رحمها الله قبل وفاتها بزيارة قبرها فى المناسبات كلما أمكن فما موقف من يتخلف أو يعترض على زيارتها لأى سبب؟
** من المستحب تنفيذ وصية الأم ومن يتخلف عن ذلك بسبب عذر كالسفر أو غيره فلا شئ عليه ومن يمتنع عن ذلك ويعترض من أبنائها فقد ترك شيئاً مستحباً لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أرشدنا إلى زيارة القبور للاتعاظ وتذكر الآخرة، وسواء أكانت زيارة القبور فى الأيام العادية أو فى أيام الأعياد فلا أرى دليلاً يدل على كراهيتها لأنها كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر بالآخرة وهى موعظة ولا يوجد اختلاف بين الموعظة وتذكر الآخرة والسرور فى أيام الأعياد.
الكشف عن الوجه
** وسألتنا قارئة تعيش خارج مصر فقالت هل النقاب فرض أم سنة؟ لأن هناك صديقات يقلن لى أن الله أمرنا بالنقاب وبتغطية الوجه والكف والقدمين ومن لم يفعل ذلك من النساء يدخل النار فما مدى صحة هذا القول؟
** بين القرآن الكريم إن النساء مأمورات بعدم إبداء زينتهن إلا ما ظهر منها وهنا اختلف العلماء فى تفسير جملة "إلا ما ظهر منها" فعن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير "ما ظهر منها" أنه الكف والخاتم والوجه. وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه الوجه والكفان وبناء على هذا وجدنا آراء الفقهاء مختلفة فى تحديد عورة المرأة، فبعضهم يرى أن جميع جسمها عورة ما عدا وجهها وكفيها وهذه إحدى روايتين عن أبى حنيفة ويراه مالك وبعضهم يرى استثناء الوجه والكفين والقدمين والخلخال وهى رواية أخرى عن أبى حنيفة وغيره، وبعضهم كالإمام أحمد يرى أن الوجه فقط هو المستثنى من عورة المرأة أى أن الوجه عقده ليس من عورتها، والرأى القائل بأن الوجه والكفين ليسا من عورة المرأة تؤيده أدلة متعددة، منها أن الله تعالى أمر النساء بضرب الخمر على جيوبهن والخمر جمع خمار وهو غطاء الرأس بأى شئ كالطرحة والإيشارب أو أى قطعة قماش. والجيوب جمع جيب وهو الفتحة التى يدخل الإنسان فيها رأسه عند لبس الثوب. والاستدلال بهذه الآية "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" على أن الوجه ليس من عورة النساء وذلك أن الله تعالى أمر النساء بأن يضعن الخمار على الجيوب لا على الوجوه وإلا لكان من المتصور أن يقول الله تبارك وتعالى وليضربن بخمرهن على وجوههن وجيوبهن. ومما يدل على أن كف المرأة ليس بعورة ما رواه البخارى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما انه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الرسول خطب بعد أن صلى ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن فقال بن عباس فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه ـ أى المال ـ فى ثوب بلال. وهذا الحديث يدل على أن يد المرأة ليس عورة لأن أيديهن كانت ظاهرة وهن يتبرعن بأموالهن فى ثوب بلال بعد أن وعظهن الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى ابن عباس أيديهن ظاهرة فى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم. وهناك أحاديث أخرى صحيحة تدل على أن وجه المرأة ليس عورة. لا يتسع المكان لذكرها لطولها. وبهذا يتبين أن النقاب ـ أى غطاء الوجه ليس فرضاً ولا سنة، فمن فعلته فلا بأس به ومن كشفت عن وجهها فليست آثمة.

No comments:

Post a Comment