Friday, March 6, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها فضيلة الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى الأستاذ بجامعة الأزهر

ترويج الشائعات ظلما من كبائر الآثام
حاجات الفقراء متجددة
** كنت أتمنى أن أؤدى زكاة مالى قبل موعد حلولها فى شهر رمضان الماضى حتى ينتفع بها الفقراء والمساكين فى هذا الشهر المبارك كما يفعل البعض علماً بأنى أقوم بحساب المدة عند حلول الحول ولكنى لم أستطع فما الحكم؟
** لا شك أن شهر رمضان موسم عظيم من مواسم الخير التى ينبغى للمسلم أن يستثمره فى وجوه الطاعة المختلفة وبخاصة الانفاق فى سبيل الله والتصدق على المحتاجين، لكن خيرا لو استطاع المسلم أن يجعل انفاقه فى رمضان من باب الصدقة ومن قبيل الجود والسخاء وابتغاء مرضاة الله تعالى وطمعاً فى ثوابه ثم حين يحول الحول يؤدى الزكاة المفروضة فى وقتها فحاجات الفقراء متجددة طوال العام ولو عجل الناس جميعاً أداء زكاتهم المفروضة فى شهر رمضان لحرمت بقية أشهر العام من الإنفاق ولما وجد من بسد حاجات الفقراء التى ربما تكون فى غير رمضان أكثر إلحاحاً نظراً لغزارة العطاء ووفرة الانفاق فى رمضان لكن ليس معنى هذا أنه لا يجوز تعجيل الزكاة المفروضة قبل حلول الحول فهذا التعجيل جائز شرعاً اعتماداً على ما رواه الترمذى والحاكم من أن العباس سأل النبى صلى الله عليه وسلم فى تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخص له فى ذلك.
ظاهرة الأسماء الإسلامية
** تطلق بعض المحلات التجارية لترويج بضاعتها تسميات إسلامية طباعة الدواجن الذين يطلقون أسماء مثل طيور الرحمن أو طيور الخير وغيرها فما حكم الدين فى هذا وهل يليق بالمسلم أن يذبح هذه الطيور ويأكلها؟
** لقد شاعت فى مجتمعنا الراهن ظاهرتان تتعلقان بالأسماء التى تطلق على المحلات التجارية والشركات وغيرها أما الظاهرة الأولى فتتمثل فى إطلاق تسميات إسلامية على بعض المحال والشركات ولا حرج فى هذا إن كان ذلك من قبيل التبرك بها والتفاؤل والاستبشار بذكرها. لكن بعض الناس يفعلون ذلك بهدف الدعاية المغلفة لأنشطتهم ويقصد الترويج لبضاعتهم وأولى بهؤلاء أن تتجسد التقوى بهؤلاء فى أفعالهم وسلوكهم وأن يتفق مظهرهم مع مخبرهم فالإيمان (ما وقر فى القلب وصدقه العمل). أما بالنسبة للتساؤل عن ذبح هذه الطيور وأكلها فهذا مالا غبار عليه على الإطلاق لأن مجرد تسمية المحل باسم معين لا يؤثر إطلاقاً فى الحل أو الحرمة أما الظاهرة الثانية فهى شيوع الأسماء الأوروبية فى محلاتنا وشركاتنا وهذا تيار ينبغى أيضاً تصحيحه وتقويمه وذلك بالعودة إلى لغتنا العربية لغة القرآن الكريم التى ما ضاقت يوما عن حاجات البشر ولا عن أسمائهم ومسمياتهم.
هل يجوز لعن هؤلاء
** ما حكم الدين فيمن يقوم بترويج الإشاعات الكاذبة ظلماً فى حق أم وابنتها مع أنهما تؤديان فروض الدين وهل يحق لهما الدعاء على
هؤلاء المروجين للإشاعات باللعن وبأن يذيقهم الله وذرياتهم من جزاء فحش القول؟
** إن ترويج الشائعات وإطلاق الاتهامات ظلماً وزوراً وبهتاناً فى حق المسلمات المحصنات الغافلات يعد من كبائر الآثام التى توعد الله تعالى عليها بالعقاب الأليم والعذاب العظيم بل إنه ليصل فى بعض الحالات وبشروط معينة إلى أن يكون (قذفاً) يستحق عليه فاعله عقوبة معينة بالإضافة إلى عدم قبول شهادته طوال عمره كما جاء فى القرآن الكريم ويكفى تحذيراً من هذا الإثم أن الجوارح تشهد على أولئك المتقولين يوم القيامة. وكأنها تبرأ إلى الله تعالى من شناعة ما فعلوا وبشاعة ما صنعوا (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) لكننا نلفت نظر هذه الأم وابنتها إلى أمرين مهمين أولهما: أن تحذرا الدعاء باللعن على هؤلاء المروجين وذرياتهم فهذا ما لا يجوز ولا يصح ولكن يجوز الدعاء برد الظلم والانتصاف من الظالم (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل).
ثانيهما: أن يتجنبا فى تصرفاتهم مواطن الظنون ومواضع الشبهات، وبذلك تخرس ألسنة أولئك المتقولين المتطاولين. ولقد قال النبى صلى الله عليه وسلم (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).
هل هناك تعارض؟
** ويسأل صديق الصفحة ويقول كثيراً ما نسمع أن الله جل جلاله يتنزل إلى السماء الدنيا فى ثلث الليل الأخير فيقول (هل من مستغفر فاغفر له هل من تائب فأتوب عليه؟ فهل يتعارض هذا مع قوله تعالى (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب) (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).
** هذا الذى نسمعه جزء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى اتفق عليه البخارى ومسلم وغيرهما، ولا تعارض بينه على الإطلاق مع الآيات الكريمة المذكورة، لأن هذه الآيات تشير إلى رحمة الله تعالى المحيطة بنا، وعلمه الشامل بكل ما يصدر عنا، وإجابته لدعاء الداعى منا، فعليك أن تفهم القرب الوارد فى تلك الآيات على هذا الأساس مع اليقين بأن كل ما خطر ببالك من المعانى الحسية فالله تعالى بخلاف ذلك، ومع اليقين أيضاً بكلمة الصديق أبى بكر رضى الله عنه (العجز عن الإدراك إدراك). أما تخصيص الثلث الأخير من الليل فى الحديث الصحيح فهو أيضاً إشارة إلى أنه وقت يختص بمزيد من العطاء الإلهى المتواصل وبوافر من تنزل الرحمات وتوالى البركات وإجابة الدعوات، وفيه تتعاقب طوائف الملائكة على بنى آدم يشهدون للمؤمنين بإخلاص الطاعة ويدعون لهم بواسع المغفرة.
آية وحديث
** أرجو إلقاء الضوء على معنى قوله تعالى: (وكان عرشه على الماء) ومن هم الثمانية الذين يحملون العرش؟
** فى فطرة الإنسان رغبة عارمة إلى استكشاف الخفيات من أمور الكون، ولذلك فقد كشف القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن طرف من ذلك تحقيقاً لهذين الأمرين: أولهما: صيانة العقل الإنسانى من التيه والتخبط وثانيهما: أن يفرغ بعد ذلك للعمل الجاد المثمر، وينفض يديه عن البحث دون طائل فيما لم يكشف الوحى عنه، وحسبنا فى الإجابة عن الجزء الأول من السؤال أن نذكر ما أجاب به النبى صلى الله عليه وسلم أهل اليمن حين سألوه: (أتيناك لنسأل عن أول هذا الأمر كيف كان؟) فقال: (كان الله ولم يكن شيئاً غيره وكان عرشه على الماء) وهذا يدل كما يقول بعض المحدثين على أنه لم يكن شيئاً غيره تعالى لا الماء ولا العرش ولا السماوات والأرض ثم خلق الماء ثم خلق العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض.
أما الثمانية الذين يحملون العرش فقد ورد ذكرهم فى قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية).. وذلك فى سياق الحديث عن مشاهد القيامة، فحين تدك الأرض والجبال وتتشقق السماء وتأوى الملائكة إلى أطرافها وأرجائها يقوم ثمانية من هؤلاء الملائكة فيحملون العرش فوق هذه الموجودات التى تدك وتتشقق وتتسارع فى هذا الموقف الرهيب، والكل ـ العرش وحملة العرش بل كل المخلوقات ـ محمول بقدرة الله تعالى اللامتناهية وبشكل عام فينبغى أن تفهم هذه النصوص مع تنزيهه تعالى عما يجول فى الخواطر وتقديسه سبحانه عن مشابهة المخلوقات.
ضميرى يعذبنى
** أنا سيدة كنت أعمل فى مصنع ثم أخذت بعض الأشياء منه مضطرة دون أن أدفع ثمنها وأعطيتها لإخوتى الفقراء إشفاقاً عليهم وضميرى الآن يعذبنى لأنى أربد إعادة ثمنها وأخشى من ذلك لعدة اعتبارات فما الحكم؟
** أحيى هذه الأخت المسلمة ذات الضمير اليقظ وأقول لها إنه يجب عليها أن تحاول وتكرر المحاولة بشتى الوسائل الممكنة لكى ترجع الحق إلى أهله مستعينة فى ذلك بأهل الدين والصلاح من العاملين فى نفس المصنع، وسوف يحالفها التوفيق إن شاء الله تعالى. فالله تعالى يقول (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).

No comments:

Post a Comment