Monday, March 23, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها فضيلة المستشار عبد المنعم إسحاق نائب رئيس هيئة قضايا الدولة وتتضمن رأى الشريعة والقانون معاً.

** ورد السؤال الثانى: كنت مع زوجى فى إحدى الحفلات، حيث يسود المرح والمزاح، فقال زوجى مازحاً أما الأصدقاء: "إننى سوف أقوم بتغييرك بزوجة أخرى" أنت طالق بالثلاثة، بين ضحكات الجميع، فالينا هل يقع هذا الطلاق؟ مع أن زوجى كان يمزح ولا يقصد إيقاع الطلاق.
** إن القاعدة المقررة فى الشريعة الإسلامية أن الزواج الهازل الذى يلهو بلفظ الطلاق، ولا يريد وقوعه، فإن طلاقه يقع زجراً له عن العبث فى مواطن الجد، وسدا للباب أمام من يحاول التحلل من تبعات الطلاق، فيزعم أنه لم يكن جاداً حين تلفظ بالطلاق وإنما كان هازلاً.
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق" وتحتسب على هذا الزوج طلقة واحدة. رغم أن طلاقه قد اقترن بلفظ الثلاث لأن المادة الثالثة من قانون الاحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 تنص على أن الطلاق المقترن بالعدد لفظاً أو إشارة لا يقع إلا واحدة" وهو ما جرى به قضاء محكمة النقض، حيث قررت أن "نص المادة (المشار إليها آنفاً) يشمل الطلاق المتتابع فى مجلس واحد لأنه مقترن بالعدد فى المعنى وأن لم يوصف لفظ الطلاق بالعدد وتؤكد المذكرة الإيضاحية أن الطلاق شرع على أن يوقع على دفاع متعددة وأن الآية الكريمة "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" تكاد تكون صريحة فى أن الطلاق لا يكون إلا مرة بعد مرة، وأن دفعات الطلاق جعلت ثلاثا ليجرب الرجل نفسه بعد المرة الأولى والثانية، ويروضها على الصبر والاحتمال ولتجرب المرأة نفسها أيضاً حتى إذا لم تفد التجارب ووقعت الطلقة الثالثة علم أن ليس فى البقاء خير وأن الانفصال البات بينهما أحق وأولى" (طعن نقض رقم 24 لسنة 28 قضائية أحوال شخصية) ومن هنا فإن هذا الزوج الهازل تحتسب عليه طلقة واحدة.
طلاق الغضبان
**
حدث خلاف بينى وبين زوجى، فقال لى: "أنت طالق" وهذه هى الطلقة الثالثة، حيث سبقتها طلقتان، ولكن زوجى يدعى أن هذا الطلاق لا يقع لأنه كان غاضباً، فهل طلاق الغضبان لا يقع؟
** طلاق الغضبان لا يقع فى حالتين الأولى: أن يبلغ به الغضب نهايته فلا يدرى ما يقول ولا يقصد ما يقول وقد روى عن رسول الله صلى الله عله وسلم أنه قال: "لا طلاق فى إغلاق" والمراد بالإغلاق أن يغلق على الشخص باب الإرادة والقصد ويسد عليه طريق الوعى.
والحالة الثانية: إلا يبلغ به الغضب هذه الغاية، ولكنه يصل به إلى حالة الهذيان، فيغلب الخلل والاضطراب فى أقواله وأفعاله وهذا ما اختاره "ابن عابدين" فى "رد المحتار" وحققه ابن القيم فى رسالة "طلاق الغضبان" وقد قضت محكمة النقض بأن "المقرر فى فقه الحنفية الواجب العمل به، وفقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن طلاق الغضبان لا يقع إلا إذا بلغ به الغضب مبلغاً لا يدرى فيه مايقول أو يفعل أو وصل به إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب فى أقواله وأفعاله، وذلك لافتقاده الإرادة والإدراك الصحيحين، وأنه لا يكفى لبطلان طلاق الغضبان أن يكون مبعثه الغضب، بل يشترط أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق حتى تنتج أثرها على إرادة المطلق (طعن نقش رقم 28 لسنة 48 قضائية أحوال شخصية).
ومن ثم فإذا كان غضب الزوج عند القاء يمين الطلاق تنطبق عليه هذه الضوابط الشرعية، فإن طلاقه لا يقع أما إذا كان الغضب أخف من ذلك ولا يحول دون إدراك ما يصدر منه ولا يوجب خللاً فى أقواله وأفعاله – فإن الطلاق يقع من غير شبهة.
طلاق المكرة والسكران
** عاد زوجى إلى المنزل وقد سكر من شرب الخمر، فألقى على يمين الطلاق وهو فى حالته هذه ثم ندم على ما فعل وعزم على ألا يعود لمثل ذلك أبداً، فما حكم هذا الطلاق؟ وهل يقع طلاق المكره؟
** طلاق السكران لا يقع بناء على قول راجح لأحمد، وقول فى المذاهب الثلاثة الأخرى ورأى كثير من التابعين.
كما أن طلاق المكره لا يقع بناء على مذهب الشافعية والمالكية وأحمد وداود، وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم.
ولقد كانت المحاكم الشرعية جارية على المذهب الحنفى الذى يقضى بوقوع طلاق المكره والسكران حتى صدر قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 الذى أخذ بالرأى سالف الذكر ونص فى مادته الأولى على أنه "لا يقع طلاق السكران والمكره".
وترتيبا على ذلك فلا يقع يمين الطلاق الصادر من الزوج السكران وتقبل توبته، ويغفر له ما دامت انعقدت نيته على ألا يجالس أصدقاء السوء، وأن يجتنب المحرمات والفواحش.
وهذه إجابة الدكتور صفوت حامد الأستاذ بجامعة الأزهر عن السؤالين التاليين.
ليس استغلالاً
** رجل وثق فى صديق له، فأعطاه أموالا ليتاجر له فيها فى بلد عربى بدون أية وثائق أو مستندات، وبعد ثلاث سنوات لم يعطه شيئاً من الأرباح مدعياً أن تجارته فى خسارة مستمرة وأجبره على الاكتفاء بأخذ رأسماله فقط، فوافق مرغما وأعطاه صديقه ايصالا بالمبلغ وقام بالسداد خلال عام كامل على أقساط وهو متأكد بشهادة الشهود أن تجارته رابحة، وأنه استولى على هذه الأرباح لنفسه، فهل يجوز له أن يستغل هذا الايصال الذى معه فى المطالبة بأرباح ماله؟ وما حكم الشرع فى ذلك؟
** إن الإسلام قد أمر بكتابة الديون والودائع من أجل حفظ الحقوق وتجنب المنازعات والخصومات، "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه".. "ولا يضار كاتب ولا شهيد" وآية "الدين" هى أطول آية فى القرآن الكريم .. وهذا المأزق الذى وقع فيه السائل يعود إلى التساهل فى هذا الأصل الإسلامى ونحن ننصحه بأن يلجأ إلى تحكيم العقلاء من الأصدقاء، فإن عجزوا عن حل المشكلة فيلجأ حينئذ إلى القضاء للحصول على حقوقه مستنداً إلى هذا الايصال الذى بيده وهذا لا يعد استغلالا بل سعياً وراء إثبات الحق ومحاولة للحصول عليه بالطريق المشروع.
الشريعة يسر
**
أتناول دواء لعلاج الاكتئاب يسبب لى دواراً وعدم اتزان، مما يجعلنى لا أستطيع أداء صلاة الجماعة بالمسجد فهل على "وزر" فى ذلك؟
** إن شرائع الإسلام تتسم باليسر ومجافاة المشقة والعنت: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" "وما جعل عليكم فى الدين من حرج" "يريد الله بكم اليسر ولا يريد به العسر" فإذا مرض الإنسان بحيث يشق عليه أداء الصلاة جماعة فى المسجد أبيح له أن يؤديها فى منزله جماعة أو منفرداً. كما يتيسر له ومن خصائص دين الإسلام أن الأرض كلها مسجد للمسلم فى الحديث: "وجعلن لى الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل" فتصبح الصلاة فى المنزل إذا كان هناك عذر يمنع من أدائها فى المسجد ومن الأعذار: المطر الشديد، والبرد الشديد، والوحل الذى يتأذى به، والمرض والخوف والعمى إذا كان لا يهتدى إلى الطريق ولا يجد قائداً" وأمثال هذه الأعذار.
هذا وقد أفاد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلاة الرجل جماعة فى المسجد تفضل فى الثواب صلاته فى بيته أو سوقه، فقد روى البخارى بسنده عن أبى هريرة رضى الله عنه ـ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الرجل فى الجماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام فى مصلاه اللهم صل عليه اللهم أرحمه. ولا يزال
أحدكم فى صلاة ما انتظر الصلاة".

No comments:

Post a Comment