Thursday, March 26, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها فضيلة الدكتور صفوت حامد الأستاذ بجامعة الأزهر وهى كما يلى:

** لى صديقة متدينة، تقوم بإعطاء دروس دينية للأقارب والأصدقاء ـ إلا أنها تخطئ أحياناً فى شرح بعض أمور الدين لقلة فهمها للغة الكتب التى ترجع إليها ـ فهل يحق لأى مسلم إعطاء دروس دينية والتحدث فى ندوات ـ دون أن يكون مؤهلاً لذلك؟ أم الأفضل أن تقوم بذلك بعد دراستها فى معاهد دينية ـ غير أنها ليست فقهية؟
** الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من أهم خصائص الأمة الإسلامية ـ لنشر الخير والمعروف بين الناس ـ غير أن ذلك مشروط بعدة شروط من أهمها: العلم بما يأمر به وما ينهى عنه، وإلا يؤدى ذلك إلى حدوث منكر أشد مما ينهى عنه ونحب أن نشير إلى أن مجرد قراءة بعض الكتب الدينية لا يعطى لكل من "هب ودب" جوازا بالتصدى للافتاء فى أمور الدين، والحكم بأن هذا حلال وهذا حرام – والى هذا تشير الآية ... ليتفقهوا فى الدين" فلابد لمن يتصدى لهذا الأمر من أن يكون (متفقهاً فى الدين) وذلك بالدراسة العميقة لعلوم التفسير والحديث والفقه ـ مع الإجادة التامة للغة العربية والفهم العميق لأساليبها ـ لاسيما أساليب كتب التراث التى نقلت الينا هذه العلوم الشرعية ـ ثم لابد أيضاً من المعرفة الواعية لتاريخ الأمة، وأحوال المجتمع وظروفه، والأعراف السائدة فيه ـ مع العمل على تحقيق مصالح الناس بدون مخالفة للكتاب والسنة (فحينما كانت المصلحة ثم شرع الله) والبعد عن التشدد ـ والحرص على وحدة الأمة بالبعد عن النعرات المذهبية، وكل ما يؤدى إلى الفرقة والخلاف بين الناس، ومع إدراك الأولويات التى ينبغى أن تقدم على غيرها، فلا يليق مثلا أن يشغل الناس بالحديث عن المسيح الدجال، أو الخلاف بين السنة والشيعة.
وليس معنى هذا أننا نحجر على الناس، ونحول بينهم وبين الحديث فى أمور الدين، ونجعل منه احتكاراً لفئة معينة، بل إن كل مسلم مهما كان حظه من العلم والثقافه، مطالب شرعا بتوجيه النصح إلى غيره فيما يتعلق بما علم من الدين الضرورة، مما ليس موضع خلاف بين العلماء ـ من أساسيات الدين وقواعد السلوك ولا يحتاج إلى دراسة متخصصة فهذا النوع هو الذى يباح للجميع بل يجب لعيهم أن يتواصوا به ولا حرج عليهم فى ذلك بل يثابون عليه.
ليس نذراً
** قلت بينى وبين نفسى: "إن شاء الله وتم هذا الأمر أقوم أنا وزوجتى بأداء عمرة ولم أتلفظ بذلك فهل يعتبر هذا نذراً علماً باننى محتاج إلى نفقات العمرة لمساعدة ابنى فى زواجه؟ وقد سبق لى ولزوجتى أن قمنا بأداء حج وعمرة فماذا أصنع؟
** النذر عمل اللسان، فلا ينعقد بمجرد النية، بل لابد من التلفظ به حتى إنه لا ينعقد بالإشارة إلا من الأخرس إذا كانت إشارته مفهومة وعليه فما حدثت به نفسك، ولم تتلفظ به لا يعتبر نذراً، ولا يجب عليك الوفاء به، ولا التفكير إذا عجزت عن الوفاء.
سكن لابنى
** أودعت مبلغاً من المال فى بنك لشراء شقة لابنى، وقد حال عليه الحول فهل يجب على أداء زكاة هذا المال؟ وهل حاجة ابنى للشفة التى سيتزوج فيها تعفينى من ذلك؟
** هذا مال مدخر نام تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباًَ وحال عليه الحول، وكان فائضا عن الديون وعن الحاجات الاصلية للمالك، هو ومن يعول (وهم الزوجة والأولاد الصغار العاجزون عن الكسب).. أما هذا الابن الكبير الذى بلغ سن الزواج فلا يدخل ضمن "من يعول" إلا إذا كانت به إعاقة تمنعه من الكسب، وهو فى حاجة إلى هذه الشقة لسكناه السكن المعتاد المتوسط ـ فتسقط الزكاة حينئذ ـ لأن هذا الابن المعاق يدخل ضمن "من يعول" المالك والسكنى من الحاجات الاصلية التى تعفى من الزكاة.
الزكاة لزوجها
** هل يباح إعطاء الزكاة للبنت المتزوجة إذا كان زوجها يمر بأزمة مالية؟
** لا تعطى الزكاة لأصول المزكى وفروعه ـ بمعنى أنها لا تعطى للأبوية ولا الأجداد والجدات (وهم الأصول) ولا تعطى لأولاد المزكى ذكوراً وإناثاً ولا لأحفاده، الذكور والإناث (وهم الفروع) ومن هنا فإنه لا يصح إعطاء الزكاة المفروضة لبنت المزكى ـ ولو كانت متزوجة ولكن يجوز إعطاء الزكاة لزوج هذه البنت ـ إذا كان فقيراً عاجزاً عن الانفاق على أسرته ـ بل يكون حينئذ أولى من غيره.
سد الذرائع
** أسافر إلى الخارج للسياحة، وأقيم هناك أنا وأسرتى فى منزل أسرة أجنبية لمدة أقل من شهر، وعندما تأتى هذه الأسرة إلى مصر نستضيفهم عندنا فهل يباح ذلك شرعاً؟
** مما هو معروف أن الإسلام يدعو إلى التعارف بين الناس يقول الله تعالى "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" (الحجرات)-13) ولكن هذا التعارف يمكن بدون تبادل الإقامة فى المساكن الخاصة وما يسببه من حرج ويمكنك عندما تسافر إلى الخارج أن تقيم مع أسرتك فى أحد الفنادق التى تناسب أحوالك المادية كما يمكن لهذه الأسرة الأجنبية عندما تزور مصر أن تقيم فى أحد الفنادق وأنت تعرف أن لنا عادات وتقاليد ومبادئ وأنماط سلوك تختلف عما يوجد لدى هذه الشعوب مما لا يتفق دائما مع ديننا وتقاليدنا، فمن باب "سد الذرائع" وحتى لا تتأثر أسرتك ـ وبخاصة الأولاد الصغار ـ بأسلوب حياة هذه الشعوب، وحفاظاً على هويتهم وشخصيتهم الإسلامية، والاعتزاز بهما، وهذه أمور ذات قيمة عظمى لا تبارى ننصحك بالابتعاد عن هذا الأسلوب فى التعارف بسبب المحاذير المترتبة عليه، وأمامك الكثير من البدائل المأمونة، و "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الكوافيرة
** دخل زوجى لا يكفى نفقات المعيشة، ولدينا أبناء كثيرون وأنا أجيد عمل "الكوافيرة" فكرت فى أن أقوم بهذا المشروع، كى أساعد زوجى فى نفقات البيت على أن يكون فى منزلى وبحيث لا يدخله سوى النساء فهل هذا مباح شرعاً؟
** إذا كنت فى حاجة إلى القيام بهذا العمل لمساعدة زوجك فى تحمل نفقات الأسرة بحيث لا يتردد عليك سوى النساء فقط، كما تقولين فإنه لا بأس بذلك بشرط أن تتجنبى ما حرمه الشرع فى هذا المجال، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الواشمة والمستوشمة" (رواه مسلم) و"المتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله" (البخارى ومسلم)و"النامصة والمتنمصة" (رواه أبو داود) و"الواصلة والمستوصلة" (البخارى). أما الوشم فمعروف "والمتفلجة" مأخوذ من "الفلج" وهو انفراج ما بين الأسنان، و"النامصة" مأخوذ من "النمص" وهو إزالة شعر الحاجبين لترقيقهما. و"الواصلة" هى التى تقوم بوصل شعرها بشعر مستعار والحكمة فى تحريم ما ذكرناه أن فى ذلك كله تغييراً لخلق الله.
ومع ذلك فقد قال بعض علماء الحنابلة: يجوز أن تزين المرأة وجهها بإزالة شعره، وهو ما يعرف باسم الحف" وأخرج الطبرى أن امرأة دخلت على السيدة عائشة وسألتها عن المرأة تحف جبينها لزوجها فأجابتها: "أميطى عنك الأذى ما استطعت" وهذا يدل على أنه يباح للمرأة أن تتزين لزوجها، دون الوقوع فى المحظور المؤدى إلى تغيير خلق الله كما كان النساء فى صدر الإسلام يتزين بالحناء والكتم دون نكر عليهن من أحد والكتم نبت فيه حمرة يستعمل فى الخضاب.
تفسير آية
** ورد فى أوائل سورة "التوبة" هذه الآية "وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله (الآية 3) والمرجو تحديد موقع كلمة "رسوله" من الأعراب، ثم تفسير الاية بعد ذلك.
** أما عن موقع كلمة "رسوله" من الأعراب باختصار شديد القراءة المشهورة هى برفع كلمة "رسوله" بالضم. فإما أن تكون الكلمة معطوفة على الضمير المستكن فى "برئ" ـ أى برئ هو وروسهل ـ أو تكون "رسوله" مبتدأ وخبره محذوف ـ أى ورسوله كذلك. وتكون حينئذ من عطف الجمل. وقد قرئ بالنصب "ورسوله" فتكون الكلمة معطوفة على اسم "أن" وهو لفظ الجلالة أو مفعولاً معه، فتكون الواو بمعنى "مع" كما قرئ بالجر "ورسوله" بالكسر. فتكون الواو للقسم. وهذه القراءة الأخيرة فى غاية الشذوذ والإبهام. ويحكى أن إعرابياً سمع رجلاً يقرؤها فقال: "إن كان الله بريئاً من رسوله فأنا منه برئ" فرفع الأمر إلى عمر بن الخطاب – رضى الله عنه، فعند ذلك أمر بتعليم اللغة العربية – كما نقل أن "أبا الأسود الدولى" سمع هذه القراءة فرفع الأمر إلى على ـ رضى الله عنه ـ فكان ذلك سبب وضع علم "النحو".
هذا عن إعراب الكلمة ـ أما تفسير الاية فالآية متعلقة بما قبلها، وهو قوله تعالى: "براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزى الله وأن الله مخزى الكافرين. وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله" (التوبة 301).
ومعنى الآية الأخيرة بإيجاز: "هذا إعلام من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر. وهو يوم عرفة بإنهاء العهود التى سبق للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن عقدها مع المشركين بأمر من الله تعالى ـ تم نقضها المشركون بعد ذلك وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب – رضى الله عنه – أن يقرأ هذه الآيات الأولى من سورة التوبة على الناس يوم عرفة فى السنة التاسعة من الهجرة ليبلغ المشركين الذين كانوا يحجون هذا العام، بإنهاء المعاهدات التى عقدوها مع المسلمين من قبل ثم نكثوها بعد ذلك وأمهلهم أربعة أشهر- لا يهيجهم فيها أحد قبل أنهاء الأمان الذى حصلوا عليه بمقتضى هذه العهود. وإنما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك إلى على رضى الله عنه جرياً على عادة العرب ألا يتولى عقد العهود ونقضها إلا كبير القوم أو رجل من أقاربه وذلك: لتنقطع الحجة بالكلية.
أما المشركون الذين لم ينقضوا عهدهم مع المسلمين، فقد جاءت الآيات بعد ذلك بإتمام العهد معهم إلى نهاية مدته المحددة وكانت عشر سنوات من بعد صلح الحديبية (6هـ
).

No comments:

Post a Comment