Sunday, February 22, 2009

الوسواس

هذه الفتاوى أجاب عنها اليوم فضيلة الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى الأستاذ بجامعة الأزهر
** أنا فتاة فى السابعة عشرة من عمرى متدينة منذ صغرى، ومتفوقة فى دراستى، لدرجة أن أهلى يتوقعون منى الفوز بالمركز الأول، لكن تنتابنى بعض الشكوك والوساوس، برغم محافظتى على أداء العبادات، مثل أن يطرأ على ذهنى سؤال (من خلق الله)، بل إننى أحياناً أجد نفسى مدفوعة إلى بعض الأقوال التى تغضب الله تعالى ... فماذا أفعل؟
** يبدو أن مبالغة أهلك فى توقع فوزك المنتظر وشدة تلهفهم هو الذى أدى بك إلى هذه الحال، ومع ذلك فإن هذه الوساوس والشكوك أمر معتاد، ينتاب ذوى النفوس الغضة والفطر البريئة حين يتجهون إلى الله تعالى بعقولهم ومشاعرهم ووجداناتهم فيعمد إليهم الشيطان يبتغى أن ينحرف بهم عن جادة الطريق، وأن يعكر عليهم صفو علاقتهم بربهم، فيوسوس إليهم بشبهات كتلك التى تدور بخلدك (من خلق الله). إن الله تعالى هو الخالق الأعظم الذى لا يتصور العقل الصحيح من هو أكبر منه قدرة، ولا أعظم منه سلطاناً ولا أوسع منه هيمنة واقتدار، فمن المحال إذن أن يكون المتصف بهذه الصفات "محتاجاً" إلى من يخلقه، ومن ذا الذى هو أعظم منه حتى يخلقه؟ تعالى الله علواً كبيراً ... لقد كان يحدث لبعض الصحابة رضوان الله عليهم أحياناً نوع من الوسوسة، وكانوا يقولون (إنا نجد فى أنفسنا ما نتعاظم أن نتكلم به) بل إن النبى صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن هذا بقوله (يأتى الشيطان أحدهم فيقول: من خلق كذا.. من خلق كذا.. حتى يقول... من خلق الله) وكان النبى الكريم يطمئنهم قائلاً (ذاك صريح الإيمان) ثم أقول للفتاة السائلة، عليك بالعلاج النبوى لهذه الوساوس، وهو ما أوجزه النبى صلى الله عليه وسلم فى عبارة واحدة (فمن وجد ذلك فليستعذ بالله تعالى ولينته) إنه علاج ذو شقين أولهما الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان، لساناً وقلباً وكياناً، وثانيهما: أن تكون على يقين بأن الشيطان يود أن تسترسلى مع وساوسه، وأن تكونى ضحية طيعة له، فأوقفى بإرادتك هذا الاسترسال، وامسكى زمام تفكيرك عن الانقياد مع هذه الوساوس، وكونى على يقين بأنها من كيد الشيطان لك، وتلاعبه بك، وثقى حينئذ أنها ستزول إلى غير رجعة إن شاء الله تعالى.

No comments:

Post a Comment