Sunday, February 15, 2009

البكاء على الميت

* هل يعذب الميت بنواح أهله عليه؟ وما معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الحالقة والشاقة".
** إن الأمر طبيعى أن يحزن الإنسان لفقد عزيز عليه، والإسلام لا يقاوم هذا الأمر الفطرى ـ لأن الإسلام هو دين الفطرة ـ وإنما يقاوم المبالغة فى الحزن التى تتمثل فى الهلع والجزع والسخط، وعدم الرضا بالقضاء. ولذلك حرم الإسلام "الندب" و"النياحة" أما الندب فهو تعداد محاسن الميت بلفظ النداء مع زيادة ألف وهاء فى آخره مثل "واسنداه!" وأما النياحة فهى رفع الصوت بذلك ـ تقول أم عطية ـ رضى الله عنها "أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البيعة ألا ننوح" (متفق عليه) وفى صحيح مسلم "أن النبى صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة" وفى حديث رواه البخارى ومسلم: "وجع أبو مرسى وجعا فغشى عليه... ورأسه فى حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: "أنا برئ ممن برئ منه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. والصاقة هى التى ترفع الصوت بالندب والنياحة ـ والحالقة هى التى تحلق رأسها عند المصيبة. والشاقة "هى التى تشق ثوبها. أما مجرد البكاء على الميت فهو مباح، إذا خلا من العويل والنواح، فقد قال صلى الله عليه وسلم "أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا أو يرحم" وأشار إلى لسانه (متفق عليه). أما قول عمر رضى الله عنه "يا صهيب أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أن الميت ليعذب ببكاء الحى" فهو محمول على ما كان مصحوباً بالندب والنياحة، ومعناه أن الميت يتألم بذلك فإنه سمع صراخ أهله ونواحهم، وليس معناه أن يعاقب على ذلك، فإنه "لا تزر وازرة وزر أخرى" ـ أو هو محمول على انه أمرهم بذلك فى حياته، أو علم بأنهم سيفعلونه ولم ينههم عنه ـ وقد كان معتاداً فى الجاهلية أن يأمر الرجل أهله بالبكاء عليه إذا مات. ومنه قول شاعر لزوجته إذا مت فابكينى بما أنا أهله. وشقى على الثوب يا ابنة معبد.

No comments:

Post a Comment