Monday, February 23, 2009

هذه فتاوى أجاب عنها فضيلة الدكتور صفوت حامد الأستاذ بجامعة الأزهر:

زوجى كثير الحلف بالطلاق ولكنه لا يبالى فما الحكم؟
توثيق الزواج العرفى
** سألتنا إحدى السيدات: أنها تزوجت بعقد عرفى منذ أربع سنوات، وأنجبت طفلة منذ عام، وقد قام والد الطفلة بقيدها باسمه، واستخراج لها شهادة ميلاد، وهو يرد الآن تحويل العقد العرفى إلى عقد موثق، فكيف السبيل إلى ذلك؟
** إذا أراد الزوج تحويل العقد العرفى إلى عقد موثق، فنعم ما أراد، إذ أن فى ذلك تصحيحاً لوضع غير مستحب، وتصويباً لتصرف معوج، وما عليه إلا أن يتوجه إلى أقرب "مأذون" ويعرض عليه العقد العرفى ويطلب منه تحرير عقد موثق، وسيقوم "المأذون" بذلك – بعد التأكد من استيفاء شروط عقد الزواج وأركانه.
أنت مطلقة
** وتسأل سيدة متزوجة ولها أولاد ـ زوجها كثير الحلف بالطلاق ـ وتقول: إنه طلقها ثلاث مرات، بل أكثر بقوله (أنت طالق) وفى أوقات مختلفة، وهو فى كامل وعيه ومدرك لما يقول، ولكنه لا يبالى، ويقول لها: "إنما الأعمال بالنيات، وأنا لا أنوى الطلاق" فما الحكم الشرعى؟
** إذا كان زوجك قد نطق بصريح لفظ الطلاق (أنت طالق) ثلاث مرات فى أوقات مختلفة، وهو فى كامل وعيه، ومدرك لما يقول ـ كما تقولين ـ فإنك مطلقة منه طلاقاً بائناً ببينونة كبرى، فلا تحلين له إلا بعد أن تنتهى عدتك، ثم تتزوجى من رجل آخر ـ زواجاً صحيحاً ـ ويدخل بك دخولاً تاماً بمعاشرة زوجية كاملة، ثم إذا مات هذا الزوج الثانى، أو طلقك، بدون أن يشترك عليه ذلك عند العقد، وبعد أن تنتهى مدة عدتك منه فإنك حينئذ تحلين لزوجك الأول ـ بعقد ومهر جديدين.
أما ادعاء الزوج أنه لم يكن ينوى الطلاق، فغن صريح الطلاق، مثل (طلقتك أو أنت طالق) مثل هذه الألفاظ الصريحة لا تتوقف على نية من نطق بها، بل يقع بها الطلاق ـ نوى الطلاق أو لم ينو ـ أما ألفاظ الكناية، مثل (اذهبى إلى بيت أبيك – مثلاً) فإن مثل هذه الألفاظ هى التى لا يقع بها الطلاق إلا إذا نوى الطلاق.
موقف فى غاية الغرابة
** وتقول سيدة أخرى: زوجى دائم الشجار معى، وكثير الحلف بالطلاق، حتى بت أشعر بأنى مطلقة، فامتنعت عن معاشرته نهائياً، أكثر من ست سنوات متصلة، وطلبت منه الطلاق فقال لى: إنه ليس له مكان آخر يقيم فيه ـ علماً بأن الشقة مستأجرة ـ وهى باسمى – فماذا أفعل؟ وهل الامتناع عن معاشرته معاشرة الأزواج يعتبر حراماً؟
** هذا موقف فى غاية الغرابة، فأنت تشعرين بأنك مطلقة، ومع ذلك تقيمين معه فى شقة واحدة، ولم تبينى لنا الألفاظ التى استعملها فى الطلاق، ولا عدد المرات ـ وأحيل إلى إجابة السؤال السابق ـ فإن كان وضعك مماثلاً لوضع السيدة صاحبة السؤال السابق ـ فأنت مطلقة طلاقاً بائناً ببينونة كبرى، ويسرى عليك نفس الحكم الذى ذكرناه فى إجابتنا السابقة ـ أما إقامته معك فى نفس الشقة، فننصحك باللجوء إلى العقلاء من الأقارب والأصدقاء لإقناعه بالرحيل ـ فإذا لم تنجحى فى هذه المحاولة فعليك باللجوء إلى القضاء، ويجب عليك الامتناع عن معاشرته إلى أن يرحل.
عمك أخ لك
** ويسأل قارئ فيقول رضعت أختى من جدتى لأبى، ورضع عمى من أمى، أكثر من خمس رضعات متشبعات لكل منهما، فهل أصبح عمى هذا خالى فى الرضاعة؟ وهل يحل لى أن أتزوج إحدى بنات أعمامى، غير عمى الذى رضع من أمى مع أختى؟
** نعم أصبح عمك الذى ضع من أمك مع أختك أخا لك فى الرضاعة،فيحرم عليك أن تتزوج من إحدى بناته لأنهن بنات أخيك من الرضاعة، ولكن يحل لك أن تتزوج من إحدى بنات أعمامك الاخرين ـ إذا لم تكن هناك موانع شرعية ـ كأن تكون إحداهن فى فترة عدتها من طلاق أو وفاة مثلاً.
الحضانة لمن
** لمن يكون حق الحضانة؟ وهل يجوز للأم الحاضنة أن تسافر بابنها إلى خارج البلاد؟
** موضوع "من هو أحق بالحضانة؟ فيه خلاف بين المذاهب الأربعة، ويمكننا أن نقول بإيجاز شديد: إن جهة الأمهات مقدمة على جهة الآباء، فأحق الناس بالحضانة الأم، ثم أمها ثم أم أمها، وهكذا، ثم أم الأب ثم جدته، ثم الأخت الشقيقة، ثم الخالة ثم الأخت لأب، ثم بنت الأخت الشقيقة، ثم بنت الأخت لأب، وبنات الأخوة أولى من العمات. وهذا عند الأحناف.
أما عن سفر الأم الحاضنة بطفلها إلى خارج البلاد، فعند الأحناف انه لا يجوز لها السفر إلا فى حالتين:
(1) أن لا تكون البلدة بعيدة، بحيث يمكن للأب أن يزور طفلة ويعود فى نفس اليوم، ولو بالطائرة ـ وليست العبرة بالمسافة.
(2) إذا كانت أبعد من فيجوز للأم أن تسافر بطفلها إلى هذا البلد إذا كان الأب قد عقد عليها فى هذا البلد، أو كان وطناً لها.
وفى جميع الأحوال يشترط أن يكون هذا البلد أمناً لا تخشى فيه على طفلها من المكاره.
** ويسأل مجموعة قراء فقالوا هناك أحاديث وردت فى كتب السنة تتعلق بالمهدى المنتظر، فهل هى أحاديث صحيحة؟ وهل التصديق به كما ورد فى كتب أهل السنة والجماعة يعتبر مخالفاً للعقيدة؟ وإذا صح ظهوره وتعاونه مع عيسى عليه السلام فى قتل المسيح الدجال، فهل يعتبر ذلك من علامات الساعة؟ وهل اعتقاد المسلم بذلك يقدح فى إيمانه؟
** ظهور المدى المنتظر، ونزول عيسى عليه السلام ـ هما من علامات الساعة، وقد وردت فيهما أحاديث كثيرة، منها ما هو صحيح ومنها ما هو حسن، أما حديث ظهور الدجال فيشبه أن يكون متواتر المعنى. أما ظهور المهدى فقد وردت فيه أحاديث فى سنن أبى داود والترمذى وابن ماجه ومسند الإمام أحمد بن حنبل.
وأما الأحاديث التى وردت في نزول عيسى عليه السلام فكثيرة وقد وردت فى صحيحى البخارى ومسلم وأما موقف المسيح من الدجال فقد وردت فيه أحاديث أيضاً. هذا بإيجاز شديد ما ورد فى كتب السنة عن المهدى المنتظر ونزول المسيح عليه السلام وقتله الدجال، وهى كلها من علامات الساعة والاعتقاد بذلك يتفق مع عقيدة أهل السنة والجماعة.
وساوس الشيطان
ويسأل شاب فيقول: رجل يعانى من مرض نفسى، وهو كثير العبادة، يؤدى الفرائض والنوافل، ويكثر من قراءة القرآن، وكثيراً ما يقوم للصلاة فى الليل، كما يكثر من الأذكار، ولكنه مع ذلك دائم الذهول، كثير الوساوس، يشعر بأنه من أكثر الناس عصياناً لربه، فما يفعل؟ وهل يقبل الله عبادته مع ذهوله؟
ينبغى للمسلم أن يكون بين الخوف والرجاء على يقين من أن الله واسع الرحمة، يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات والأخ السائل ـ كما يقول ـ يحافظ هذا الرجل على الفرائض ويكثر من النوافل، ولكنه مع ذلك يشعر بالتقصير ـ وهذا من فرط حساسيته وتقواه وخشيته لربه، فنقول له هون على نفسك يا اخى، ولتكن على ثقة بربك وقبوله لعبادتك ـ ما دمت تبذل كل ما فى وسعك لأدائها على الوجه الصحيح، أما حالات الذهول والوساوس التى تنتابك فإنها من كيد الشيطان، الذى يريد أن يحول بينك وبين طاعتك لربك ـ وعلاج ذلك يكون بالإكثار من الصلاة وقراءة القرآن. والدعاء بالأدعية المأثورة من الكتاب والسنة كما ينبغى أن تكثر من الصلاة على النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ بصيغة الصلاة الإبراهيمية التى تقرأ فى ختام الصلاة بعد التشهد وتكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وستبرأ مما بك إن شاء الله تعالى.
السحر والوقاية منه
** ويسأل أحد القراء عن مدى تأثير السحر، وهل فى الشرع ما يدل على ذلك، وكيف الوقاية منه؟
** وردت كلمة "السحر" وما يشتق منها فى بعض النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وقد اختلف العلماء فى حقيقته، فذهب "المعتزلة" إلى أنه "مجرد تخيل، ولا حقيقة له، واستدلوا بقوله تعالى فى سحرة فرعون: "يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" وقوله "سحروا أعين الناس، فهو بمنزلة العاب الحواة التى تعتمد على خفة اليد والحيل".
ورأى علماء أهل السنة أنه "أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة أعمال مخصوصة واستدلوا بقوله تعالى: "يعلمون الناس السحر" إلى قوله تعالى: "فيتعلمون منهما (أى هاروت وماروت) ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" وفى الآية ما يشعر بأنه ثابت وحقيقة، وبأن المؤثر هو الله وحده، كما استدلوا أيضاً بسورة "الفلق".
أما كيفية الوقاية منه فبالإكثار من الصلاة وقراءة القرآن، والرقية بالفاتحة والمعوذتين، وكثرة الصلاة على النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم – مع الإيمان بأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك، كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

No comments:

Post a Comment