Friday, February 27, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها فضيلة الدكتور صفوت حامد الأستاذ بجامعة الأزهر.

** ما الحكم الشرعى فى شراء إيصال حجز شقة من أحد الأفراد الحاجزين فى إحدى جمعيات الإسكان، ويريد صاحب الإيصال دفع مبلغ زائد على قيمة الإيصال بحجة أن قيمة الإيصال لو أودعت فى بنك كانت ستدر ربحاً يساوى المبلغ الزائد المطلوب؟
** هذا التصرف غير مباح شرعاً ـ وهو لون من ألوان الشره والأنانية والتكالب البشع على المادة ـ هذه الآفات التى استشرت فى مجتمعاتنا. وأفقدتنا معانى التراحم والتكافل فى الدين والوطن فبأى وجه حق يستبيح هذا "الحاجز" لنفسه هذا المبلغ الزائد؟ وفى مقابل ماذا؟ إنه نوع دنئ من أكل أموال الناس بالباطل، واستغلال كريه لحاجة المحتاج، واغتيال لكل قيم الإنسانية ومعانى الدين والشهامة، التى يتميز بها مجتمعنا المسلم الذى يعرف ربه ويخشاه، أما تعلله بأنه لو أودع هذا المال فى بنكق لدر عليه عائداً يساوى هذا المبلغ، فهو عذر أقبح من ذنب ـ وإلا لوجب على كل من تلجئه الحاجة إلى الاستدانة أن يرد الدين مع العائد المقترض لو أودعه الدائن فى بنك وهذا ربا صريح لا شك فيه.
زكاة التكاليف
** اعمل أستاذاً بالجامعة وأطبع الكتب على نفقتى وأطرحها فى مكتبات الكلية ليشتريها الطلاب وقد تقبض بعض الكتب فأقوم بتسليمها لمكتبة لبيعها للجمهور، كما أقوم بتأليف كتب أخرى وأطبعها على نفقتى لبيعها للجمهور أيضاً عن طريق المكتبات ـ فكيف أخرج الزكاة عن هذه الكتب؟ وهل تعتبر هذه الكتب نوعاً من التجارة فأزكى على هذا الأساس؟
** هذه الكتب لا تعتبر نوعاً من التجارة، لأنها ليست سلعة يتاجر فيها بشرائها ثم بيعها ـ كما هو الشأن فى عروض التجارة ـ بل هذه الكتب إنتاج ذهنى للمؤلف تشبه لحد ما الإنتاج اليدوى للصانع ـ فتزكى كما تزكى المنتجات الصناعية، وتكون الزكاة على ما يتحصل له من بيعها بعد خصم تكاليفها، وبعد حلول حول كامل على بيعها ـ بشرط يكون صافى الربح قد بلغ حد النصاب وفائضاً عن ديونه وعن حوائجه الأصلية هو ومن يعول ـ ومقدار الزكاة هو ربع العشر وهو ما يساوى 25 جنيهاً عن كل ألف جنيه كزكاة النقدين.
كنايات الطلاق
** تكرر الخلاف والانفعال بين الزوجين، فقال الزوج لزوجته فى إحدى المرات: إخرجى مع السلامة، وفى مرة أخرى قال لها: الله يسهل لك، اللى يريحك... وهكذا تكررت هذه الألفاظ وأمثالها، فقيل للزوج: ماذا قصدت بهذه الألفاظ؟ هل أردت الطلاق؟ فقال: ألا أتذكر ولا أدرى! فما الحكم الشرعى فى هذا الكلام وهل هو من الطلاق؟!
** هذه الألفاظ من كنايات الطلاق، وهى لا يقع بها الطلاق إلا إذا نوى الزوج ذلك، كما يرجع فيها لقرائن الأحوال عند الاختلاف ـ فإن لم تدل قرائن الأحوال على شئ محدد. فالقول قول الزوج، لأن الطلاق حقه، فيكون المرجع فيه إليه، ولما كان الزوج فى هذه المسألة، يدعى أنه لا يتذكر ولا يدرى ـ فالرجوع أولا لقرائن الحوال، فإن لم تدل على شئ محدد لم يقع الطلاق "قضاء" لأن عقد الزواج قائم فلا تزول حكمه إلا بشئ يقينى ـ والزوج هنا غير متيقن من أنه كان يريد الطلاق هذا من حيث القضاء أما "ديانة" أى بين الزوج وربه فينبغى أن يعلم أن الله "يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور". وأن المر جد خطير، وأنه إن كان يخدع الناس فلن يخدع الله تعالى وليعلم أن هذه الزوجة محرمة عليه إن كان قد نوى الطلاق فعلاً عندما نطق بهذه العبارات، وأن معاشرته لها حينئذ تدخل فى باب الزنا المحرم "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً".
عليك زكاة
** أودت مبلغاً من المال "عشرة آلاف جنيه" فى أحد البنوك الإسلامية لتساعدنى أرباحها فى تكاليف المعيشة ـ فهل يجب على شرعاً أن أدفع زكاة عن هذا المبلغ وأرباحه السنوية؟ مع العلم بأنه لا يكاد يفى الربح ومعاشى المتواضع بمطالب الحياة والمعيشة اليومية؟
** هذا المال المودع هو مال مدخر نام بلغ حد النصاب، فتجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول وكان فائضاً عن ديون المالك وحاجاته الأصلية ـ هو ومن يعول ـ والحاجات الأصلية هى الطعام والشراب واللبس والمسكن، ونفقات التعليم والعلاج والانتقال والخدمة إذا احتاج إليها، فإذا استوفى المال المودع هذه الشروط تجب فيه الزكاة خمسة وعشرون جنيهاً، عن كل ألف جنيه "ربع العشر" ـ أما الأرباح السنوية فلا تجب فيها الزكاة إلا بعد مرور حول كامل عليها.
وأحب أن أذكر السائل يقول الله تعالى: "وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم الضعفون" (سورة الروم- 30) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت صدقة من مال" فالمال يزيد ويبارك الله فيه بالإنفاق وأداء حق الله فيه ـ والأمر عند الله ليس حساباً بالأرقام، فكم من قليل بارك الله فيه ونماه، وكم من كثير أضاعه وأفناه!
ميراث
** توفى رجل عن ابن وبنت وزوجة ابن مات فى حياة والده، وأين ابن وبنت ابن مات أبوهما فى حياة والده، وبنت
بنت ماتت أمها فى حياة والدها أيضاً، فكيف توزع التركة؟
** فى هذه المسألة ـ وطبقاً لأحكام قانون "الوصية الواجبة" الصادر فى سنة 1315هـ- 1946م ـ يعطى لابن الابن، وبنت الابن النصيب الذى كان يستحقه والدهما المتوفى ـ لو بقى حياً كما يعطى لبنت البنت نصيب أمها المتوفاة فى حياة والدها بشرط ألا يتجاوز ذلك كله حدود ثلث التركة ولما كان مجموع أنصبة هؤلاء المذكورين يساوى نصف التركة تماماً أى أكثر من ثلث التركة ـ فإن التركة توزع كالتالى:
أولاً: يقسم ثلث التركة بمقتضى الوصية الواجبة بين ابن الابن وبنت الابن وبنت البنت ـ بالنسب التالية:
"4" لابن الابن" "2" لبنت الابن "3" لبنت البنت- فيكون المجموع تسعة أسهم يقسم عليها ثلث التركة، ثم يعطى لابن الابن أربعة أسهم، ولبنت الابن سهمان اثنان، ولبنت البنت ثلاثة أسهم.
ثانياً: يقسم ثلثا التركة بين ابن المتوفى وبنته ـ اثلاثاً ـ للذكر مثل حظ الانثيين، فيكون للابن سهمان وللبنت سهم واحد.
ثالثاً: لا تستحق زوجة الابن المتوفى شيئاً من الميراث

** أنا فتاة أعانى من مرض فى فروة شعر الرأس، وأفكر فى ارتداء "باروكة" فما حكم الشرع؟ وهل الأمر يختلف إذا كانت الباروكة من شعر طبيعى أو صناعى؟ وما حكم هندمة الحواجب ولبس "الاسترتش" فى البيت؟
** روى البخارى وغيره عن عائشة وابن مسعود وابن عمر وأبى هريرة رضى الله عنهم ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لعن الله الواصلة والمستوصلة" كما روى البخارى عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت، وأنها مرضت، فتمعط شعرها "أى سقط شعرها" فأرادوا أن يوصلوها، فسألوا النبى صلى الله عليه وسلم فقال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة". وهنا نلاحظ أن النبى صلى الله عليه وسلم قد شدد التحريم حتى لمن سقط شعرها لمرض حلب رأسها، ولو كانت عروساً تتهيأ للزفاف لزوجها، والعلة فى هذا التحريم أن هذا نوع من الغش والتدليس.
والأحاديث تدل على تحريم وصل الشعر بالشعر سواء أكان طبيعياً أم صناعياً وهو المسمى "بالباروكة" وذلك لما يحتوى عليه من غش وخداع ولو أبيح هذا النوع من التدليس لكان وسيلة لاستباحة غيره من أنواع الغش – هذا لما فيه من تغيير لخلق الله ـ والى ذلك أشار حديث عبد الله بن مسعود "المغيرات خلق الله" (رواه البخارى) ولكن لا بأس بالتواصل، وهى خيوط من حرير أو غيره تعمل ضفائر، وتصل به المرأة شعرها، وبهذا قال الإمام أحمد، أما قول السائلة إنها تعانى من مرض فى فروة الرأس، فإن "الباروكة" ليست علاجاً لذلك، ومصر بحمد الله مكتظة بالأطباء البارعين فى علاج هذه الأمراض وأشباهها، فينبغى أن نستشيرهم.
أما هندمة حواجب المرأة، وهو ما يسمى ترفيع الحواجب فقد ورد النهى عنه فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى لعن "النامصة والمتنمصة" و"النامصة" هى التى ترقق الحواجب بالأخذ من شعر الحاجب نفسه و"المتنمصة" هى التى تطلب أن يفعل بها ذلك، أما إزالة الشعر الزائد فى الوجه الذى يسبب للفتاة ألماً نفسياً ـ فهذا مباح ولا شئ فيه، وهو أمر يختلف عن "النمص" المحرم.
واما ارتداء "الاستريتش" بالبيت فهو مباح أمام المزوج والنساء والمحارم من الرجال الذى تخطوا سن الاستثارة، وإن كان من الأفضل أن يكون ارتداؤه أمام الزوج فقط قطعاً لألسنة السوء.
حقيقة الحديث
** قرأت فى بعض كتب الحديث التى ألفها أحد أفاضل العلماء المعاصرين أن حديث: [إن لكل شئ قلبا. وإن قلب القرآن "يس" من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرات]. بينما ورد فى كتاب آخر لأحد مشاهير علماء الأزهر فى هذا القرآن ـ رحمه الله ـ أن هذا الحديث قد رواه الترمذى عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم ـ علما بأن العالم الأول قال إن هذا الحديث موضوع فما حقيقة الأمر فى هذا الحديث؟
** أخرج الإمام الترمذى فى سننه من كتاب "فضائل القرآن" باب "ما جاء فى فضل يس" من طريق قتيبة وسفيان بن وكيع قالا: حدثنا حريد بن عبد الرحمن الرواسى عن الحسين بن صالح عن خارون أبى محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل شئ قلباً وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات" وقال أبو عيسى "الترمذى" هذا حديث غريب. وهارون أبو محمد شيخ مجهول".
وأخرجه الإمام القضاعى فى "مسند الشهاب" باب "إن لكل شئ قلباً وإن قلب القرآن يس" من طريق قتيبةب بن سعيد، إلى آخر سند الترمذى ولفظه. وقال الشيخ حمدى عبد المجيد السلفى ـ محقق "مسند الشهاب" ـ فى الصفحة المذكورة ـ بعد أن عزاه إلى الترمذى: "قال الترمذى حسن غريب ـ كذا فى النسخة المطبوعة من "الترمذى" ـ لكن المنذرى فى "الترغيب" وابن كثير فى تفسيره والحافظ فى "التهذيب" نقلوا عنه أنه قال: "غريب" فقط بدون "حسن" ولعله الصواب، فإن الحديث ضعيف ظاهر الضعف بل هو "موضوع" من أجل "هارون" انتهى كلام الشيخ حمدى عبد المجيد ـ و"هارون" المشار إليه ـ هو هارون أبو محمد ـ أحد رواة الحديث ـ وهو شيخ مجهول ـ كما قال الترمذى ـ وانظر "سلسلة الأحاديث الضعيفة" للألبانى فقد حكم بأنه موضوع.
ولكن لم أقف عليه فى "موضوعات ابن الجوزى" ولا فى "اللآلئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة" للحافظ السيوطى.

No comments:

Post a Comment