Monday, February 23, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها المستشار عبد المنعم اسحاق نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، طبقاً لأحكام الشريعة والقانون.

كنايات الطلاق
** تزوجت واشتريت لزوجتى شقة باسمها ثم حدث خلاف بيننا قمت بعده بإلقاء يمين الطلاق عليها. وأثناء فترة العدة راجعتها، ثم نشأ الخلاف بيننا ثانياً واستقل كل منا عن الاخر وقامت هى ببيع الشقة المذكورة وعاش كل منا فى مكان بعيد عن الآخر دون أن ألقى عليها يمين طلاق جديد. ومع استمرار الخلافات الزوجية والانفصال قالت لى: لن أطلب الطلاق منك ولا نفقة ولا مؤخر الصداق فقلت لها: لديك ثمن الشقة خذى منها حقوقك فهل يعتبر كل ذلك طلقة واحدة أو أكثر؟
** من الأصول المقررة شرعاً أنه إذا قال الزوج لزوجته (أنت طالق) فإنه يقع طلاقه فور القاء اليمين وتحتسب طلقة بحيث إذا كان هذا الطلاق هو الأول أو الثانى فإنه يقع طلاقا رجعيا يحق فيه للزوج أن يراجع زوجته إلى عصمته ما دامت فى فترة العدة أما إذا كان هذا الطلاق هو المكمل للثلاث فإنما تبين منه بينونه كبرى ولا يحل له معاشرتها بأى حال من الاحوال حتى تنكح زوجا غيره زواجاً كاملاً وبدون شروط مسبقة.
وبناء على ذلك فإذا كان اليمين الذى ألقيته بالطلاق هو الأول أو الثانى كان طلاقاً رجعياً أما إن كان هو الطلاق المكمل للثلاث فإن زوجتك تبين منك بينونة كبرى بعد القاء هذا اليمين وبخصوص ما تم بينكما من انفصال واستقلال فى الحياة نظراً لاستمرار الخلافات بينكما دون قيامك بإلقاء يمين الطلاق بألفاظه الصريحة أو الكناية فإنه لا يعتبر طلاقاً إذ أن مجرد انعزال الزوجين وبعدهما عن بعضهما لا يعتبر فى حد ذاته طلاقاً بالمعنى المحدد فى الشريعة الإسلامية.
وعن قول الزوجة إنها لا تطلب من زوجها طلاقاً ولا مؤخر صداق ولا نفقة واجابة الزوج عليها بأن لها أن تأخذ حقوقها من ثمن الشقة التى قامت ببيعها: فإنه إذا كان القصد من هذه الإجابة من الزوج أن يوقع الطلاق على زوجته بلفظ الكناية وانهاء الحياة الزوجية بينهما ترتيباً على قيامه بالتلفظ بهذا اللفظ فإنه فى هذه الحالة يكون طلاقاً بلفظ الكناية ما دام قد انصرف فيه الزوج إلى إيقاع الطلاق بهذا اللفظ وفى هذه الحالة تحتسب طلقة رجعية أو بائنة وفقاً للضوابط السالف ذكرها. وإعمالاً لنص المادة الرابعة من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 والتى تنص على أن كنايات الطلاق وهى ما تحتمل الطلاق وغيره لا يقع بها الطلاق إلا بالنية.
عدة بالقروء
** توفى والدى فى حادث سيارة وتركنا أنا وأخواتى الثلاثة، وكان قبل وفاته قد طلق زوجته بحوالى تسعة أشهر، وهى الآن تطالب بحقها فى تركة أبى استناداً إلى أن طلاقها كان طلاقاً رجعياً وأقسمت أنها لم تنقض عدتها طيلة الأشهر التسعة اذ لم تكتمل لها ثلاث حيضات، فهل يجوز لها ذلك.
** من المقرر شرعاً فى فقه الأحناف الواجب العمل به طبقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن انقضاء العدة بالقروء لا يعلم إلا من جهة الزوجة وقد انتمائها المشرع على الأخبار بذلك فالقول فيه قولها بيمينها متى كانت المدة بين الطلاق وبين الوقت الذى تدعى عدم انقضاء العدة فيه تحتمل ذلك.
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية رقم 125 لسنة 1929 على أنه "لا تسمع عند الانكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق، فإن مؤدى ذلك أن المشرع قد جعل من مدة السنة التالية للطلاق حداً تصدق فيه المطلقة التى توفى عنها زوجها فيما تدعيه من عدم انقضاء عدتها.
ومن ثم فما دامت أن الزوجة قد تم طلاقها رجعياً من زوجها قبل وفاته بأقل من سنة وأنكرت رؤيتها ثلاث حيضات كوامل حتى وفاته وحلفت اليمين على ذلك فإنه يثبت حقها فى الميراث فى تركته.
طعن نقض رقم 37 لسنة 65 قضائية أحوال شخصية.
طالق بلا رجعة
** قال لى زوجى "أنت طاق بلا رجعة" وكانت هذه هى المرة الأولى التى يتلفظ فيها بالطلاق، ثم أراد أن يعاشرنى معاشرة الأزواج على أساس أنه راجعنى إلى عصمته فامتنعت لأن زوجى ألقى بيمين الطلاق بغير رجعة، فهل يكون هذا الطلاق مما يجوز للزوج أن يراجع فيه زوجته أم لا؟
** ليس ثمة شك أنه متى قال الزوج لزوجته "أنت طالق" فإن طلاقه يقع وتحتسب عليه طلقة واحدة، فإن كان هذا الطلاق هو الأول أو الثانى كان طلاقاً رجعياً يحق فيه للزوج أن يراجع زوجته إلى عصمته بالقول بأن يقول لها مثلاً "راجعتك إلى عصمتى" أو بالفعل بأن يعاشرها المعاشرة المعتادة للأزواج، وذلك كله ما دامت الزوجة فى فترة العدة، تأسيساً على أن الطلاق الرجعى لا يرفع الحل ولا يزيل الملك الذى ثبت بعقد النكاح وليس من شأنه إلا نقص عدد الطلقات التى يملكها الزوج على زوجته.
وإذا كان ذلك وكان الطلاق الذى صدر عن زوجك هو الطلاق الأول فإنه يقع طلاقاً رجعياً يحق فيه للزوج أن يراجعك إلى عصمته أثناء فترة العدة بالقول أو بالفعل، باعتبار أن الرجعة حق ثابت مقرر للزوج وحده دون سواه ولا يملك أحد إسقاطه وفقاُ لما جرى به قضاء محكمة النقض (طعن نقض رقم 17 لسنة 43 قضائية أحوال شخصية).
الزوجة وعمتها
** اختلفت مع زوجتى فتركت المنزل ولا أعلم مكانها، وتقوم عمتها حالياً على رعاية شئونى وأولادى ونشأت بينى وبينها عاطفة وأريد الزواج منها، فهل يجوز لى ذلك حيث أننى أعلم أن المحرم هو الجمع بين الأختين فقط!
** الجمع بين الزوجة وعمتها مثل الجمع بين الأختين، فهو محرم شرعاً حرمة مؤقتة لقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها" فليس ثمة شك أنه من شروط صحة الزواج حلية المرأة بألا يقوم بها سبب من أسباب التحريم وفقهاء الشريعة الإسلامية متفقون على أنه لا يحل الجمع بين امرأتين كلتاهما محرم للأخرى.
وعلى ذلك فإنه لا يحل لك أن تجمع بين زوجتك وعمتها فى وقت واحد ما دامت العلاقة الزوجية ما زالت قائمة بينك وبين زوجتك سواء أكان مكانها معلوماًَ لك أو غير معلوم.
طلاق المقابل
**زوجتى ترغب فى الطلاق بعد أن استحالت العشرة الزوجية بيننا وفشلت كل محاولات الصلح وأبدت استعدادها فى التنازل عن حقوقها فى المؤخر والنفقة وغير ذلك فى مقابل أن يقع الطلاق بائناً بحيث لا يحقق لى مراجعتها إلى عصمتى، فما هى الوسيلة لذلك؟
** إذا تم الطلاق بينك وبين زوجتك على مال وقع طلاقاً بائناً لا يحق لك بعده أن تراجعها إلى عصمتك إلا بعقد ومهر جديدين.
والوسيلة القانونية إلى إيقاع الطلاق بهذه الكيفية أن تمثل أنت وزوجتك أمام المأذون حيث تقر الزوجة أنها قد برأتك من كافة حقوقها المالية المترتبة على العلاقة الزوجية كمؤخر الصداق ونفقة العدة والمتعة وأن تقبل أنت هذا التنازل والإبراء وتلقى عليها يمين الطلاق على هذا الأساس، ويقوم المأذون الشرعى بإثبات ذلك فى وثيقة الطلاق، فحينئذ يقع الطلاق بائناً وليس رجعياً.
زواج باطل
سافر زوجى للعمل بإحدى الدول العربية وانقطعت أخباره، فقمت بالزواج من شخص آخر وأنجبت منه طفلاً فما حكم هذا الزواج شرعاً وقانوناً؟
** هذا الزواج باطل شرعاً وقانوناً وليس من شأنه ترتيب أية آثار عليه حيث تقول محكمة النقض "لما كان المستفاد من كتب الحنفية أن أرجح الأقوال فى عقد الزواج على امرأة متزوجة بآخر، أنه عقد باطل لا أثر له ولا يثبت به النسب وتجب فيه الحيلولة بين الرجل والمرأة وعدم تمكنها من الدخول فإذا ما ارتكب المعصية ووقع الدخول بالمرأة فلا يؤثر هذا الدخول على العقد ولا يرفع عنه البطلان ولا يثبت به النسب ويجب التفريق بينهما جبراً أن لم يتفرقا اختياراً وإذا كان الرجل والمرأة اللذان ارتكبا المعصية عاقلين عالمين بالتحريم بإنه يجب عليهما حد الزنا وهذا هو المتفق عليه أيضاً فى مذهب الأئمة الثلاثة.
(طعن نقض رقم 4877 لسنة 51 قضائية)
وفضلاً عن ارتكاب هذه المعصية الدينية التى تمت بالإتفاق بينك وبين شريكك على قيام هذا الزواج الباطل رغم علمكما باستمرار العلاقة الزوجية بينك وبين زوجك، فقد اشتركتما أيضا فى جناية تزوير فى أوراق رسمية عند الإقرار أمام المأذون الشرعى بخلوكما من الموانع الشرعية التى تحول دون إتمام الزواج رغم تحقق ذلك وتوافره وهو ما يعد تغييراً للحقيقة فى وثيقة الزواج الرسمية ويستوجب إنزال عقوبة الجناية عليكما.
ماذا أفعل
** توفى زوجى وهو فى ريعان شبابه وترك لى ثلاثة أولاد قررت أن أتحمل مسئوليتهم وأتفرغ لرعايتهم تفرغاً كاملاً، غير أننى فوجئت بأن عم الأولاد يطردنى ويصر على الزواج منى لا لشئ إلا من أجل الاستيلاء على أموال اليتامى وحتى تكون جميعها فى قبضة يده وتحت سيطرته، ولاسيما أنه استطاع أن يضم إلى أرضه بعض الأراضى الخاصة بأولادى واستولى عليها، فماذا أفعل؟
** القانون يحمى الجميع وعليك الالتجاء إلى نيابة الأحوال الشخصية التابعة للمحكمة التى قامت بتعيينك وصية على أولادك، والتقدم لها بالبلاغ الخاص باستيلاء العم على أرض الأولاد والمستندات التى تثبت صحة هذا الادعاء وسوف تتولى نيابة الأحوال الشخصية تحقيق هذا الأمر واتخاذ ما تراه مناسباً من الإجراءات القانونية الكفيلة بالحفاظ على أموال القصر وحمايتها من كل نهب وسلب، وصدق الله العظيم إذ يقول فى كتابه الكريم "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون فى بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً".
الأخ الشاذ
** أخى يطاردنى كثيراً ويريد أن يعتدى على شرفى وفى كل مرة كنت أنهره وأوجه له أقسى الكلمات وشكوته إلى إخوتى وأبى وأمى ولكن دون جدوى وبعد أن استبد بى اليأس من مطارداته أحسست أن الحل الوحيد هو أن أقتله فهل يجوز ذلك؟
** لا يجوز لك يا ابنتى قتل أخيك شرعاً ولا قانوناً، فلقد نهانا ديننا الحنيف عن قتل النفس إلا بالحق واعتبره من أكبر الكبائر التى تهوى بصاحبها إلى الجحيم، وليعلم هذا الأخ الشقيق أن ما يفعله تجاه أخته إنما هو فعلاً نزوات شيطانية جامحة لا يجوز له أن تتسلط عليه بأى حال من الأحوال، فضلاً عن أن أخته محرمة عليه حرمة مؤبدة فإنها عرضه وشرفه وسمعته وكرامته وأولى به أن يصونها ويحافظ عليها ويفتديها من أى شر أو خطر.
ولست فى حاجة إلى أن أنكر هذه الأفعال إنما تشكل فى حق مرتكبها جناية هتك عرض أنتظمتها المادة 268 من قانون العقوبات وتتوافر أركانها بمجرد المساس بأى مكان فى جسم المرأة مما يعتبر عورة من عورات النساء ويعاقب فاعلها بالأشغال الشاقة التى تتراوح ما بين خمس وسبع سنوات على حسب الأحوال.

No comments:

Post a Comment