Tuesday, April 7, 2009

هذه الفتاوى أجاب عنها فضيلة الدكتور سعيد أبو الفتوح أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس عنها

** انتمى لإحدى النقابات وقد داومت على دفع الاشتراك السنوى فيها ولأننى قد عملت فى الخارج عدة سنوات فقد فوجئت عندما طلبت من النقابة أن تصرف لى معاشا شهرياً كما تفعل مع بقية الأعضاء عند بلوغهم سن المعاش بأن الاستمارة التى يجب على أن استوفى بنودها تطلب منى فى أحد بياناتها أن أذكر عدد السنوات التى كنت أعمل فيها بالخارج، ولما كنت خلال فترة غربتى أقوم بأعمال تجارية لم ادخر من ورائها شيئاً، ولما كان ذكر الحقيقة فى بيان عدد سنوات عملى بالخارج لا يمكننى من الحصول على معاشى من هذه النقابة، فهل على إثم إذا ذكرت غير الحقيقة حتى أحصل على المعاش؟ مع العلم بأن ذكر هذه البيانات فيه نوع من التعسف إذ كيف يحصل زميلى الذى عمل فى مصر رغم نجاحه فى عمله على المعاش، وأنا رغم فشلى فى الخارج أحرم منه؟
** أنت الذى اخترت لنفسك طريق الفشل بإصرارك على العمل بالخارج فى مشروع لم تدخر لنفسك ولا لأولادك منه شيئاَ. ولا يجوز لك أخى السائل أن تذكر غير الحقيقة فى الاستمارة التى طلب منك استيفاء بياناتها، فذكر غير الحقيقة فيه تضليل وخداع وغش ولا يليق بمسلم أن يتصف بهذه الصفات القبيحة، ففى الحديث الشريف: "من غشنا فليس منا" ومن المعلوم أن الكذب والخداع من صفات المنافقين الذين نربأ بك أن تكون منهم، فدون بياناتك بصدق وأمانة واعلم أن الله لن يضيعك أبدا، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" وارجوا ألا يلبس عليك الشيطان فيوسوس لك أنك بالتزوير فى البيانات، سوف تصل إلى معاشك بالكامل وهو من حقك فهذا غير صحيح، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة.
زوجتى لا تطيعنى
** سألنا قارئ يعيش فى فرنسا فقال: ماذا أفعل مع زوجتى التى لا تطيع أوامرى بالرغم من قيامى بكل حقوقها، مع العلم بأننى لا أمرها بشئ فيه معصية، وهى تتعامل مع أهلها والآخرين بصورة طيبة، فهل اتخذ قرارا بطلاقها فيشقى الأولاد خصوصاً أننا نعيش فى الغربة أم ما هى الوسيلة للتعامل معها؟
** إن العلاقة بين الزوجين فى الاسلام تقوم على السكينة والمودة والرحمة وطاعة كل منهما للآخر فيما لا معصية فيه، كما أمرنا القران الكريم فى عدد من آياته بحسن المعاملة والعشرة الطيبة بين الزوجين وقال جل شانه: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
وقد وضع الإسلام كلا من الزوجين إزاء مسئولياته وطلب منه أن يقوم بها على افضل وجه فالرجل فى أهله راع – كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم – وهو مسئول عن رعيته والمرأة فى بيت زوجها راعية وهى مسئولة عن رعيتها. وقد جاء فى القرآن الكريم "ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف".
ولا ننصح السائل الكيرم بتطليق زوجته فهذا هدم لبيته وتشريد لأولاده وتضييع لأسرته وليصبر عليها ويمتثل فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك – أى لا يبغض – مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضى منها آخر" ونشير على الزوج بأن يتبع مع زوجته ذلك العلاج القرآنى الذى جاء لمثل حالتها ويتدرج معهما فى هذا العلاج فيبدأ بوعظها وإرشادها، والنصح لها ترغيباً وترهيباً فإن لم تجد هذه الوسيلة فيهجرها فى مضجعها، فإن لم تستجب فله أن يضربها ضرباً غير مبرح، والضرب هنا ليس للإيذاء وإنما للدلالة على أنه قد ضاق بها ذرعاً وأنه جرب معها كل وسائل العلاج، فإن لم ينفع هذا كله ليبعث كل من الزوجين حكما من أهله أو من ذوى الخبرة والصلاح فيهم حتى يقوما بواجب الإصلاح بينهما.
وأخيراً نهمس فى أذن الزوجة لنقول لها: إن حق زوجك عليك عظيم، والأولى بك أن تحسنى معاملته وتطيعى أوامره. فأنت أولى الناس بذلك، ما دام يقوم بحقك عليه، ويحسن معاشرتك ولا يأمرك بما فيه معصية ونذكرك بهذه الأحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يروى عنه ابو هريرة أنه قال: "لو كنت أمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" وعن أبى هريرة أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح".
على أيهما ازكى؟

** فى بداية العام كان عندى 200 ألف جنيه وادخر من راتبى شهرياً 2000 جنيه، ولى دخل آخر أدخره أيضاً يقدر بألف جنيه والسؤال ما هو المبلغ الذى أخرج عنه الزكاة؟ هل أخرج عن المائتى ألف التى حال عليها الحول؟ أم عن المبلغ المتجمع آخر العام، مع العلم بأن بعضه لم يحل عليه الحول بعد؟
** من المقرر عند العلماء أن المبالغ المكتسبة أثناء الحول إذا كانت من نماء المبلغ الأصلى - بأن كانت ربحاً له مثلا فإنها تضاف إليه وتزكى معه عند نهاية الحول، أى أن حول المبلغ الاصلى يعد حولا لها ولكن الواضح من سؤال السائل أن المبالغ التى استفادها أثناء حول المائتى ألف جنيه ليست نماء هذا المبلغ ولا ربحاً له وللفقهاء فى هذه الصورة وأمثالها رأيان: فبعضهم يرى أن المال المستفاد خلال الحول ما دام من جنس المال، الذى بلغ نصابا فإنه يضم إلى هذا النصاب ويزكى معه ويكون تابعاً له فى الحول، وعلى هذا فإن السائل يزكى فى نهاية الحول عن مبلغ مائتين وست وثلاثين ألف جنيه.
ويرى البعض الآخر من الفقهاء أن المال المستفاد خلال العام يستقبل به المزكى حولاً جديداً من يوم تملكه ولا يضم إلا المبلغ الاصلى. ومعنى هذا أن السائل يخرج الزكاة عن مائتى ألف جنيه فقط عند نهاية الحول ثم يخرج الزكاة عن المبالغ التى يستفيدها اثناء العام حسب الحول الخاص بكل منها. وللأخ السائل أقول: لك أن تختار أياً من هذين الرأيين
وفق ما تراه ميسوراً لك.
صلة الارحام ** هل صلة الرحم تتمثل فى تبادل الزيارات من النساء تجاه محارمهن خاصة إذا كانت مقطوعة من هؤلاء؟ أم هى واجب الذكور تجاه المحارم من النساء وهل تأثم الفتاة إذا تركت هذه الزيارات العائلية لأنها لا تحب الاختلاط ولوجود خلافات عائلية؟ وهل تكتفى بمعاملة أهلها بالحسنى إذا زاروها وإذا أصاب أحدهم مكروه أدت ما يلزمها من واجب؟
** صلة الرحم تجب على الرجال لو النساء على حد سواء، ففى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه" وصلة الارحام من أجل الاعمال واعظمها عند الله وفى بيان فضلها يروى أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من احب أن يبسط له فى رزقه وينسأ له فى أثره – أى يؤخر له فى عمره – فليصل رحمه".
وعلى الإنسان أن يصل أرحامه حتى لو قاطعوه، فالأمر هنا يخرج عن نطاق مبدأ المعاملة بالمثل، فليس من باب صلة الرحم أن تصل من وصلك وتقطع من قطعك، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها" وقد جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله: إن لى قرابة أصلهم ويقطعونى وأحسن إليهم ويسيئون إلى وأحلم عنهم ويجهلون على فقال: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المال – اى تضع فى افواههم الرماد الحار – ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".
والإسلام يحثنا على صلة ارحامنا حتى ولو كانوا على غير ديننا، فالقرآن الكريم يقول فى حق الوالدين المشركين: "وصاحبهما فى الدنيا معروفا" وفى الحديث عن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما قال: قدمت على أمى وهى مشركة فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قدمت على أمى وهى راغبة افأصل أمى؟ قال: "نعم صلى أمك" ولا حرك على الفتاة إذا زادت أقاربها من المحارم عليها، والاختلاط بهم ليس اختلاطاً مذموماً ما دامت لا ترتكب فيه معصية ولا يعتدى فيه على محارم.
صلاتى على زوجتى
** توفيت زوجتى منذ سنوات وكانت تجمع الكثير من الفضائل والمروءات وعندما ماتت صلينا عليها فى أقرب مسجد للمقابر ولم يكن الوقت وقت صلاة، ومن ثم كان عدد الموجودين قليلاً جداً ولما كنت قد علمت أن كثرة المصلين على الميت يشفعون له، فقد نويت أن اصلى عليها صلاة الجنازة مع كل صلاة، حتى بلغ ذلك عدة مئات من المرات فما حكم صلاتى هذه؟ وما ذنب الميت الذى لا يوجد بالمسجد وقت الصلاة عليه كثير من الناس؟ وما الحكم إذا لم يبين الإمام للمصلين كيفية صلاة الجنازة؟
** شكر الله لك هذا الوفاء لزوجتك وندعوه أن يتقبل منك صالح ما قدمته لها، ولتعلم أنه قد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال: "أيما امرأة ماتت وزوجها عها راض دخلت الجنة"، وهذا بالطبع إذا كان الزوجان ملتزمين بأحكام الإسلام وآدابه وفرائضه.
أما عن صلاة الجنازة فأعلم أنها من فروض الكفاية، وفرض الكفاية إذا قام به البعض سقط الحكم عن الباقين فلو أن شخصا واحدا فقط صلى على الميت صلاة الجنازة لكان يفعله هذا قد أدى الفريضة وقام بالواجب وأسقط التكليف عن سائر المسلمين، وما فعلته من صلاتك على زوجتك عدة مئات من المرات لم يرد به أثر ولم يعلم عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أو الفقهاء أنه فعل ذلك، وقد كان من الأولى بك أن تدعو لها أو تتصدق عنها أو تفعل باسمها أى عمل من أعمال البر والخير وعلى كل حال ففضل الله واسع ونرجوه أن يتقبل منك ما فعلت.
أما عن كثرة عدد المصلين على الجنازة، فهذا أمر يحثنا عليه الشرع ويدعونا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيه من الخير والبركة للميت، فعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه".
وعن ابن عباس رضى الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه". وعلى المسلم أن يحرص على صلاة الجنازة وإتباع الميت حتى يدفن فإن له بذلك الاجر العظيم، فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان" فيل: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين" ويجب على المسلم المكلف أن يكون عارفا بكيفية صلاة الجنازة، وأن يسأل عنها أهل الذكر إن لم يكن عالما بها، كما يندب للإمام قبل أن يصلى على الجنازة أن يبين للناس كيفية هذه الصلاة حتى يعرفها من لم يكن بها علم.
تجب عليه
** أنا سيدة تجاوزت الستين من عمرى ومنذ حوالى ثلاثة وعشرين عاما توفى أخى وترك ابنه رضيعاً فقمت بكفالته حيث أن معاشه عن أبيه وكذلك ما كانت تدره أملاك أبيه فى ذلك الوقت كان ضئيلاً، وكنت قد سألت أهل العلم فقالوا أنه يجوز لى أن أعطيه من زكاة مالى وأن أصرف عليه منها لتربيته، وقد تخرج بحمد الله هذا العام من الجامعة وتسلمنا أرضاً زراعية كانت لنا وتم بيعها وأوضح له شقة تمليك ومبلغ لا بأس به من المال، وكنت قد ادخرت له مبلغاً فى دفتر التوفير من زكاة مالى ليستعين به عند التخرج، ولأن أصبحت حالته المالية مرضية، فهل يحق له المبلغ المدخر أم يجوز صرفه فى مصارف الزكاة الأخرى حيث أن هذا المبلغ من زكاة المال؟
** لهذه السيدة نقول: إن ما قمت به من كفالة ابن أخيك اليتيم هو من أعظم القريات والطاعات لله عز وجل ويدل على ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى" ولا بأس به من الانفاق على ابن أخيك من زكاة مالك ما دامت موارده لا تكفى فى الانفاق عليه على ألا يتعدى ذلك ما يلزمه من ضروريات كغذاء ومسكن وملبس ومصاريف تعليم وعلاج وما إلى ذلك، أما ما قمت به من ادخار بعض الاموال له فأرى أنه لم يكن صحيحاً، وكان من الاجدر بك أن توزعيه على الفقراء، لأن الزكاة شرعت لتحدث نوعاً من التوازن داخل المجتمع وتلبى حاجات الفقراء والمساكين فى وقت وجوبها، ولأن ابن أخيك قد يصير بهذا المال المدخر غنياً فلا تجب له الزكاة، بل تجب عليه ولذا فإننى أرى أنه من الواجب عليك الإسراع بسحب هذه
المبالغ المدخرة
وتوزيعها على مستحقيها ممن تجب لهم الزكاة.

No comments:

Post a Comment